دون إرادة الشخص أو دون محض اختياره،

لورنس

كاتب جيد جدا
العنف الجنسي يستخدم مصطلح العنف الجنسي للإشارة إلى أي سلوك جنسي يحصل دون إرادة الشخص أو دون محض اختياره، فهذا الأمر يشكل ظاهرة خطيرة تصيب المجتمعات حول العالم، وهو يؤثر على الأفراد بصرف النظر عن جنسهم أو ميولهم الجنسية أو أعمارهم أو عرقهم؛ فقد يتعرض أي شخص لخطر العنف الجنسي، وعلى العموم، يرتبط العنف الجنسي بمجموعة واسعة من عوامل الخطر والحماية، كما يرتبط بما يتعرض إليه الإنسان من أنواع أخرى للعنف، وقد يخلف وراءه جملة من العواقب الصحية والاقتصادية الخطيرة على الشخص، لذلك يكون من الضروري الحيلولة دون حصوله عبر معالجة عوامل الخطر والحماية المتعلقة بأشكال العنف كافة. [١] وكما هو معلوم، تشيع حالات العنف الجنسي في مناطق النزاعات المسلحة، إذ تغدو النساء والفتيات أكثر عرضة للعنف الجنسي نتيجة انهيار البنى التحتية في البلد، وتفكك الأسر والمجتمعات المحلية وتراجع القدرة على مواجهة حالات العنف الجنسي، فتغدو النساء آنذاك عرضة للاغتصاب والاستغلال الجنسي، وفي الوقت الحالي، تسجل حالات كثيرة ومتزايدة من العنف الجنسي المرتكب بحق المرأة في مناطق الصراع والحروب حول العالم. [٢] أضرار العنف الجنسي يؤثر العنف الجنسي تأثيرًا بالغ الخطورة على الضحية، فيؤدي إلى مجموعة من العواقب الصحية على المدى القصير والطويل، ولعل أهم العواقب المباشرة للعنف الجنسي هي شعور الضحية بالضيق النفسي ومعاناتها من الصدمة والخوف ومشاعر العجز، وتتجلى الأعراض السابقة في معاناة الضحية من فرط التيقظ الناجم عن مخاوفها المتعلقة بسلامتها الشخصية، وارتفاع مستويات القلق لديها، ويترافق هذا كله مع معاناتها من الاكتئاب الذي يحتمل أن يتطور إلى اضطراب ما بعد الصدمة والإقدام على الانتحار عند استمرار هذه المشاعر كلها مدةً طويلة، ويشيع تعاطي المخدرات عند ضحايا العنف الجنسي على المدى الطويل، لا سيما إذا تعرضن لانتهاكات واعتداءات جنسية متكررة في مرحلة الطفولة مثلًا، وتطرأ تغييرات كثيرة على تصور الضحية لذاتها، مما يؤثر على جوانب شتى في حياتها، لا سيما علاقتها مع الرجال؛ فعدد كبير من النساء الناجيات من العنف الجنسي يواجهن صعوبة كبيرة في إقامات علاقات عاطفية وجنسية. [٣] ولا تقتصر أضرار العنف الجنسي على الأضرار النفسية السابقة؛ إذ تعاني الضحية من بعض الأضرار الجسدية الناجمة عن تجربتها الجنسية العنيفة؛ فقد يحدث الحمل لديها بعد العنف الجنسي، وهذا الأمر يرهقها جسديًا ونفسيًا، لا سيما إذا قررت الاحتفاظ بالجنين وعدم الإجهاض، وقد تصاب المرأة أيضًا بأحد الأمراض المنقولة جنسيًا من المعتدي، وهذا الأمر يحتمل أن يسبب معاناتها من العقم وآلام الحوض ومرض التهاب الحوض إذا لم تتلقَ العلاج. وتنتشر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية عند ضحايا العنف الجنسي في المناطق التي تشهد تفشيًا ملحوظًا لهذه الظاهرة، وتكثر أيضًا بين أوساط الضحايا الإصابات الحاصلة في منطقة الأعضاء التناسلية، وهذا ما يحصل تحديدًا في عمليات الاغتصاب العنيفة، لا سيما الاغتصاب الجماعي؛ إذ تصاب المرأة حينها بأعراض الناسور التناسلي، وفي بعض الأحيان، تترافق جرائم اغتصاب المرأة مع الإجهاض والقتل؛ ففي جنوب أفريقيا مثلًا، ثمة اشتباه بوجود حالات اغتصاب فيما نسبته 16% من جرائم القتل التي تتعرض إليها النساء. [٣] التعافي من العنف الجنسي تختلف عملية الشفاء من العنف الجنسي بين ضحية وأخرى، فقد تحتاج المرأة خلال الأيام والأسابيع الأولى التالية لحادثة العنف الجنسي لمعالج نفسي قادر على منحها الإستراتيجيات المناسبة للتعافي من تأثيراتها، فعلى سبيل المثال، يشجع المعالج النفسي الضحية على التعامل مع أعراض القلق والذعر والخوف التي تصيبها، ومع مرور الوقت، سيحاول المعالج النفسي مساعدة الضحية في تخطي المشكلات طويلة الأمد مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وهكذا، ستتعلم الضحية كيفية الحصول على منظومة للحماية والدعم من الأقرباء والأصدقاء والمعالجين النفسيين، أما إذا كانت ضحية العنف الجنسي ما تزال في مرحلة الطفولة، فمن الضروري أن يدرك الأهل بعض الأمور الهامة والضرورية لعملية الشفاء والتعافي؛ فعلى سبيل المثال، ينبغي للأهل تجنب ردود الفعل الغاضبة والعاطفية، فهذا الأمر يفاقم حالة القلق لدى الضحية، وينبغي لهم أيضًا تجنب الضغط عليها وتلافي توجيه الأسئلة لها على مدار الأسابيع التالية للحادثة؛ فالمهم في هذه المرحلة تقديم الدعم والحماية وليس توجيه الأسئلة عن الحادثة والعوامل التي ساهمت بحدوثها. [٤] بالإضافة إلى ما سبق، يجب على الأهل أن يستمروا في تقديم الدعم للضحية، والتعبير عن حبهم الدائم وتقديرهم لها، وإعلامها بوجودهم إلى جانبها طوال الوقت للمساعدة في حمايتها، وتكون الضحية في حالات كهذه بحاجة ماسة إلى وجود أشخاص يستمعون إليها دون أن يوجهوا إليها أي أحكام، لا سيما خلال الأيام الأولى بعد حادثة الاعتداء والعنف الجنسي؛ فمشاعر الضحية في هذه المرحلة تكون متضاربة وتكون شخصيتها سريعة التأثر بكلام الآخرين، لذلك يجب الاستماع إليها جيدًا دون أي حكم على تصرفاتها، وأخيرًا، ينبغي للأهل طلب العون من الشرطة وطاقم الرعاية الصحية إذا أحسوا بأن الحالة النفسية للضحية سيئة للغاية، مما يحتمل أن يدفعها إلى محاولة الانتحار. [٤]


 
أعلى