ماهي نظرية الإرشاد الجشطالتي

قيثارة

كاتب جيد جدا
• صاحب النظرية ومطور العلاج الجشطالتي هو فريدريك سالمون بيرلز ، الذي ولد في برلين عام 1893 وهو من أصل يهودي ، وبعد إكمال دراسته الثانوية دخل جامعة برلين لدراسة الطب ، ولكنه قطع دراسته للالتحاق بالجيش أثناء الحرب العالمية الأولى وعاد عام 1918 ليكمل دراسته وحصل على شهادة الطب عام 1920 من جامعة فريدرك ويلهليم ،وفي عام 1926 توجه إلى فرانكفورت حيث عين مساعدا لعالم النفس الجشطالتي كورت جولد شتاين في معهد فرانكفورت للأمراض العصبية




• أما كلمة جشطالت Gestalt ) ) فجاءت من الألمانية ، ولا يوجد كلمة مطابقة لها في الإنجليزية ، غير أنها فهمت بمعنى الكل ، كما تعني الشكل والصورة . ظهرت هذه النظرية في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فقد ظهرت عام 1980 بمقال نشره عالم النفس النمساوي من فينا هوانرنفلز وكانت بعنوان " سيكولوجية خصائص الجشطالت " إلا أنه لم يهتم أحد بما نشر عن هذه النظرية في ذلك الوقت ، كان في ذلك الوقت التيار السائد هو التحليل النفسي ، وعلى أثر ذلك وبسبب قصور هذا التيار ظهرت اتجاهات أخرى منها الاتجاه الجشطالتي على عدد من العلماء الألمان وهم ويرثمر وكوهلر وكوفكا وليفين .



12-3.gif




أ/ النظرة إلى الإنسان :


رغم أن بيرلز قد تدرب أساسا في مدرسة التحليل النفسي وقد تأثر في جانب من تطويره للعلاج الجشطالتي بالتحليل النفسي ، إلا أن نظرة العلاج الجشطالتي للناس قريبة جدا من وجهة نظر المدرسة الإنسانية . فهو يرى الطبيعة الإنسانية ككل تشتمل على أجزاء مختلفة تصنع بمجموعها إنسانا متفردا ، ويرى أن الأفراد يبدءون الحياة معا ، ولكنهم حينما ينمون ويكبرون ويواجهون الخبرات ، والمشاعر والمخاوف في الحياة ، فإن ذلك يتسبب في فقدان أجزاء من أنفسهم تقتطع من الكل أو ما يسمى بالجشتالت . فإذا أرادوا حياة فيها تحقيق للذات وللأهداف ، فعليهم أن يعيدوا تلك الأجزاء إلى الكل ، وعليه فإن الإرشاد الجشطالتي يعمل على إعادة توحد الأجزاء مع الشخص ككل .
وفيما يلي تلخيص باسونز للجوانب الثمانية الاتيه على أنها تعبر عن وجهة نظر الجشطالتي حول طبيعة الإنسان 1975 :



1. الإنسان كل لا يتجزأ ، فهو ليست مجموعة أجهزة بل كل متكامل ، ولا يمكن فهم الأجزاء من انفعالات وأفكار وأحاسيس وإدارك خارج إطار الشخص كله
2. إن الإنسان هو أيضا جزء من بيئته الخاصة ، ولا يمكن فهمه خارج إطار هذه البيئة أو بمعزل عنها .
3. أن الإنسان بجميع أجزائه هو الذي يختار كيف يستجيب للمثيرات الخارجية والداخلية ، إنه فاعل في العالم الذي يعيش فيه وليس مجرد مستجيب .
4. إن الإنسان لديه الطاقة ليكون واعيا بدرجة كاملة بكل الأحاسيس والأفكار والانفعالات والإدراك .
5. السلوك الكلي ليس محكوما بعناصره الفردية وحيثما تكون العمليات جزئية فهي محكومة بالطبيعة الداخلية للكل فأي جزء من التجربة هو التجربة كاملة وتغيير أي جزء في التجربة يغير التجربة ككل .
6. الإنسان قادر على إجراء الاختبارات لأنه واع .
7. الإنسان لا يستطيع أن يعايش الماضي والمستقبل بمعزل عن الحاضر، وإنما يستطيع فقط أن يخبر ذاته في الحاضر فقط فعند معايشة حالة ما فإن ملفها كامل يفتح في الحاضر ويتعامل معه الإنسان ويختبره في الحاضر . .


الإنسان ليس أساسا خيِرا أو شريرا والسلوك ليس هو الشخص ويجب فصل النية عن السلوك


12-3.gif



ب/ الشخصية :


هناك عدد من المفاهيم تكوِن بمجموعها نظرية الشخصية . منها ما يلي :



1- مبدأ التكوين الكلي The Holistic Principle :


يؤدي الإنسان وظائفه في وحدة كاملة ، فالجوانب العقلية والانفعالية والجسمية لاتوجد مستقلة عن الإنسان، فهو كائن يؤدي وظائفه ككل متسق ، وليس هناك الشخص الذي له جسد وعقل وروح ، وإنما الشخص هو كائن كلي يشعر ويفكر ويتصرف . وحتى لو أخذنا جانب الانفعالات في الإنسان سنجد لها جانبا عقليا يتصل بالتفكير وجانبا سلوكيا وكذلك جانبا من المشاعر . والنشاط العقلي يبدو كأنه نشاط للشخص كله ولكنه ينفذ في مستوى أدنى من الطاقة عن تلك الأنشطة التي نقول عنها أنها بدنية والجوانب العقلية والجوانب البدنية من سلوك الإنسان ليست وحدات مستقلة يمكن أن توجد مستقلة عن الإنسان أو عن بعضها البعض ،فالجسم والعقل والروح هي جوانب من الكائن ككل ( يطلق عليه البعض المنظومة السبرناتية ) أو المنظومة المغلقة فالعقل والجسم يؤثر كل منهما في الآخر .


2- مبدأ القاعدة الثانية للتوازن The Dialectic of Homeostasis :


تأثر بيرلز في هذا المفهوم بكتابات سيجمون فرايدلاندر ، وانبثقت هذه القاعدة من مفهوم التفكير المتمايز ، أو التفكير في متقابلات أو أقطاب ثنائية ، فكل حادث يبدأ من نقطة الصفر ، ثم يبدأ منها التمايز إلى متقابلات أو متعاكسات ، وهذا التمايز هو خاصية لأداء الإنسان العقلي وللحياة نفسها ويؤدي إلى التوازن . فالكائن في كل لحظه يواجه عوامل تجعل هذا الاتزان يضطرب وبعض العوامل هذه العوامل خارجية ( البيئة ) أما البعض الآخر فهو داخلي ( حاجة ) وينشأ ميل مضاد لاستعادة التوازن وهذه العملية تكوِن التنظيم الذاتي للكائن وفي هذه العملية يصنع الكائن صورة أو واقعا لإشباع الحاجة.


12-3.gif


ج/ الغرائز Instincts :



يرى بيرلز أن هناك غريزتين ضرورتين للمحافظة على الفرد هما : غريزة الجنس ، وغريزة الجوع ، وأن جميع الغرائز الأخرى يمكن أن تصنف تحت إحدى هاتين الغريزتين ، فهو بعكس فرويد الذي أهمل غريزة الجوع . وتمر غريزة الجوع بمراحل هي : ما قبل الولادة ، مرحلة الرضاعة ، مرحلة القضم ومرحلة الطحن ( القضم والمضغ ) . ويساعد فهم هذه المراحل في جوانبها العادية وغير العادية على فهم السلوك ، وبصورة لا تساعدنا غريزة الجنس على فهمها بوضوح وسهولة . وترتبط هذه المراحل بالخصائص النفسية حيث ترتبط مرحلة ما قبل ظهور الأسنان بعدم الصبر . ومرحلة القضم بالتدمير والعدوان ن ومرحلة الطحن بالتمثل ، ويتماثل تعاقب الجوع وإشباعه مع كل السلوكيات النفسية ، على أنه مما يلاحظه باترسون أن بيرلز قلل من استخدامه لهذه الفكرة في كتاباته الأخيرة


12-3.gif


د \ العدوان والدفاع Aggressive and Defense
:


العدوان عملية ديناميكية لا شعورية ، بها يتصل الكائن مع البيئة لإشباع حاجاته ، وليست وظيفتها التدمير بل محاولة التغلب على المعوقات التي تمنعه من إشباع حاجاته . أما الدفاع فيمثل نشاطا بيولوجيا للمحافظة على الذات ، وله أشكال مختلفة لدى الكائنات الحية مثل : هرب الكائن لدى مواجهته موقفا يهدده .


12-3.gif



هـ \ الواقع Reality :


طالما أن الكائن ليس لديه الكفاية الذاتية فإنه يكون في تفاعل مستمر مع بيئته . وفي عملية السعي إلى الاتزان في علاقته مع مطالب البيئة فإن الكائن لا يكون مستقبلا سلبيا أو مجرد مستجيب لها وإنما هو مدرك ومنظم نشيط لإدراكه . وهذه هي الواقعية التي تتغير بتغير حاجات واهتمامات الكائن الحي . وبالتالي فهو يسعى إلى الوصول إلى حالة من الثبات الإدراكي في تفاعله


12-3.gif


و/ حد الاتصال ( حزام الاتصال The Contact Boundaey : )



إن الكائن والبيئة يوجدان في علاقة متبادلة أو ثنائية ويجب أن يعثر الكائن على إشباع حاجاته في البيئة وهو يتحرك نحو العالم ليقوم بهذه الاشباعات من خلال عملية الإحساس للتوجه ، والعمليات الحركية للتحكم ونقطة التفاعل بين الفرد والبيئة تمثل حدود الاتصال


12-3.gif


ز / الأنا The Ego :


الأنا عند بيرلز ليس غريزة ولا يحتوي على غريزة بداخله وليس مادة محدودة أو متغيرة ، وتعمل الحدود ونقاط الاتصال على تكوينه ( الأنا ) وهو بذلك عبارة عن نظام الاستجابات والاتصالات بين الكائن والبيئة بما فيها من تطابق أو اغتراب. إنه الوعي بالذات والوعي بما ليس من الذات هو الذي يمثل الأنا ، أما وظائف الأنا تؤدي وظيفة تكاملية أو إدارية في ربط تصرفات الكائن ، إنه يستدعي تلك الوظائف الخاصة بالكائن والتي تعتبر ضرورية لإشباع أكثر الحاجات إلحاحا ، إنه يتطابق مع الكائن وحاجاته ويغرَب نفسه عن المطالب الأخرى التي يعاديها . إنه حينئذ ينظم البيئة في صورة حاجة الكائن ، وإذا كان الكائن جائعا فغن الطعام يأتي في مقدمة الجشطالت ، أما إذا كان الطعام يمكن الحصول عليه فقط عن طريق السرقة ، وهذا لشخص يؤثر الموت على السرقة فإن الأنا يقوم باستبعاد عملية الحصول على الطعام بهذه الطريقة . أما وظائف الأنا فتتلخص في :
1. تنظم اتصال الكائن بالبيئة
2. تنظم المجال أو البيئة المحيطة بالكائن بشكل يتناسب مع درجة إلحاح الحاجة على الإشباع


12-3.gif



ح/ التقدير Acknowledgement :


هي العملية التي يكشف فيها الفرد عن ذاته من خلالها ، فالطفل يسعى للحصول على تقدير والديه من خلال لعبه ، لأنه بحاجة إلى تقدير الآخرين فهذا ينمي لديه وعيا بالذات وتقديرا لوجوده


12-3.gif


ط/ مدى الملائمة ( الاستحسان ) Approbation :



يؤدي الاستحسان ( الموافقة أو عدم الموافقة ) إلى خلق صورة للذات القائمة على معايير خارجية وبذلك قد ينمو لديه انشقاق في شخصيته لأنه يبحث عن موافقة الآخرين على سلوكه ، وليس عن تقديرهم له . وحالما تتكون هذه العملية فإن الفرد ينمي عملية الاستقطاب ( الثنائية ) في شخصيته ، فمن ناحية توجد مشاعر الذات التي تمثل الأشياء التي يريد الفرد أن يفعلها ومن ناحية أخرى فإن صورة الذات تمثل كل ما يشعر هذا الفرد أنه ينبغي عليه أن يفعله بسبب المعايير الخارجية


12-3.gif



ي/ الإسقاط على الذات Introgection :


هو تقبل غير دقيق أو بغير تدقيق لسلطة المفاهيم والمعايير السلوكية والقيم . والشخص الذي أعتاد الإسقاط على الذات أوالإسقاط الداخلي لم تنم شخصيته ، والإسقاط الداخلي لمفاهيم أو قيم متصارعة أو غير متجانسة يؤدي إلى عدم تكامل الشخصية ، وفي الإسقاط الداخلي تكون الحدود بين الذات والعالم متباعدة داخل الذات ، مما يجعل الجزء المتبقي من الذات الحقيقية قليلا جدا .

12-3.gif


ك\ الإسقاط الخارجي :



هو وضع تلك الأجزاء من شخصية الفرد التي يرفضها ولا يستطيع التكيف والتوحد معها في العالم الخارجي بعيدا عن الأجزاء الأخرى ، وتؤدي مشاعر الذنب إلى إسقاط اللوم على شخص أو شيء آخر والإسقاطات تتجه دوما للعالم الخارجي ولكن من الممكن أن تتجه إلى الداخل كأن تقع في الضمير وفي الإسقاط تمتد الحدود بين الذات والعالم إلى داخل العالم لدرجة أن المظاهر غير المقبولة من الذات تنقل إلى خارج تلك الذات إلى داخل العالم والمظاهر التي تسقط على الخارج غير مقبولة وملائمة مع الاتجاهات والقيم المسقطة داخليا أو داخل الذات.


12-3.gif


عملية الإرشاد :



• يأتي المسترشد للعلاج لأنه يمر بأزمة تتصل بوجوده نتيجة لعدم إشباع حاجاته النفسية ، وبذلك فإنه يكون لديه الدافع ليأتي ولكنه في نفس الوقت يحضر معه بعض التوقعات والاستراتيجيات غير الناجحة يحاول بها أن يجعل البيئة تقوم بالعمل نيابة عنه ، وبذلك ينتظر من المعالج أن يقدم مساندة بيئية وهو يفعل كل ما يمكنه ويستخدم أساليبه في محاولة لجعل المعالج يقوم بهذا الدور ، فيبدو مثلا في صورة الطفل الطيب .
• ورغم أن العلاج الجشطالتي يوفر للمسترشد كثيرا مما يريده مثل ( الاهتمام الكامل أو الانتباه ) ، فإنه لا يقدم له كل ما يتوقعه مثل ( الإجابات التي يرى المسترشد أنها ضرورية أو التقدير والامتداح ) وبذلك فعلى الرغم من أن المسترشد يحصل على بعض الإشباع فإنه يقابل أيضا بالإحباط .
• ولا يهتم العلاج الجشطالتي بالأسباب الكامنة وراء سلوك المريض والتي تشتق من ماضي المسترشد ومن اللاشعور والأحلام ، ذلك أنه يرفض مبدأ الأسباب المنفردة وبالإضافة إلى ذلك فإن الأسباب تفسر القليل ويمكن أن تؤدي إلى إسقاط المسؤولية ، ويركز العلاج الجشطالتي على الخصائص وإدراك المسترشد الذي لا يكون واعيا به ، وعدم الوعي أمر أوسع من اللاشعور إذ لا يقتصر على المواد المكبوتة فقط .
• وتعتبر الأحلام مفيدة في عملية العلاج لأنها تمثل محاولة لإيجاد حل لتناقض واضح ولا يقوم المعالج بتفسير الأحلام وإنما يستخدمها المعالج لمساعدة المسترشد على اكتشاف هذا التناقض والذي يعبر عن دافعيين غير متسقين ، وكل أجزاء الحلم سواء الأشياء أو الأشخاص تمثل أجزاء مسقطة من الشخصية والتي ينبغي ان يعيد المسترشد إدماجها في ذاته . ( يقصد هنا تفسيرات الشخص لما يراه وقد يلجأ البعض لعرض صور ويطلب من المسترشد التعبير عن فهمه لهذه الصور وبالتالي يتم استخراج إدراكه لها ويقوم بعمل إسقاط عليها )
• إن مشكلات الشخص لا تقع في الماضي ولكنها موجودة في الحاضر وبذلك فإن الإرشاد يجب أن يتعامل مع السلوكيات الراهنة من خلال تنمية الوعي بـ هنا والآن ، وحل الصعوبات الموجودة الآن سوف يحل أي مشكلات خاصة بالماضي ، والتي هيا أيضا مشكلات راهنه الآن ، ومن خلال العلاج يتعلم المسترشد كيف يحيا في الحاضر بمعايشة هنا والآن في الموقف الإرشادي .
• إن العلاج الجشطالتي هو نوع من العلاج المتصل بالخبرات ، وبذلك فإنه يهتم بسؤال المسترشد بل ودفعه إلى معايشة أقصى ما يمكنه من خبرات ذاتية ، وبينما يخبر المسترشد الطرق التي أغلق بها ذاته فإنه يصبح أكثر وعيا بماهية ذاته في الواقع ،والتركيز على " الأنا " باعتبارها تعبيرا عن الذات الذي يعايش الخبرة أو يعيها فهنا تضع المسؤولية على المسترشد في مشاعره وأفكاره وتصرفاته . فيصبح واعيا بالعلاقات بين الشعور والسلوك في مجالات مختلفة ويصبح بذلك قادرا على إدماج الأجزاء المفككة من شخصيته وينشئ توازنا ملائما وحدودا مناسبة بين الذات والبيئة


( لكل شخص من تاريخ ماضيه الخبرات والتجارب الكافية التي تمكنه من إحداث تغيير إيجابي في حياته )
 

deepocean1

كاتب جيد جدا
دائما متميز في الانتقاء
سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك
لكـ خالص احترامي
 

مواضيع مماثلة

أعلى