مفهوم البلاسيبو وفكرة العلاج بالوهم

[ad_1]

Placebo

يستخدم الأطباء تقنية علاجية تعرف بالعلاج بالوهم، مستخدمين مصطلحات مثل تأثير البلاسيبو والنوسيبو. فما المقصود بها؟ وما آلية تأثيرها؟

فهرس المحتويات

يمكن للعقل أن يؤثر بشكل كبير على الجسم. وفي بعض الأحيان، يمكن أن يساعد الجسم على الشفاء من بعض الحالات المرضية. إذ يمكن للعقل أن يخدعك لتعتقد بأن بعض العلاجات الشعبية التي تستخدمها ذات تأثيرٍ علاجيٍّ حقيقيٍّ. وتعرف هذه الظاهرة باسم تأثير البلاسيبو، أو العلاج بالوهم. والغريب في الأمر، أنه يمكن لبعض الأدوية الوهمية أن تؤثر تأثيرًا قويًا لمحاكاة آثار العلاجات الطبية الحقيقة. وعلى الجانب الآخر يمكن لها أن تؤثر سلبيًا وفق ظاهرة تعرف بالنوسيبو.


ما هو مفهوم البلاسيبو؟

يعبّر مفهوم البلاسيبو أو الدواء الوهمي عن مادة أو حبوب أو أي علاج آخر يظهر كنوع من أنواع الدواء، إلا أنه حقيقة ليس علاجًا. وتعتبر الأدوية الوهمية مهمةً في التجارب السريرية، والتي غالبًا ما تعطى خلالها للمشاركين لمقارنة نتائج الدواء الوهمي بنتائج الدواء الفعلي، وهو ما يساعد الأطباء في تحديد فعالية الدواء الجديد. وقد تم تصميم البلاسيبو ليبدو مثل العلاج الحقيقي، إلا أن هذه المادة لا تملك أي تأثير فعلي كعلاج.

في بعض الأحيان يكون الدواء الوهمي بشكل حبوب كحبوب منع الحمل، أو الحبوب السكرية، أو حقن بمحلول ملحي، او سائل قابل للاستهلاك. ومن المهم التمييز بين مفهومي الدواء الوهمي وتأثير الدواء الوهمي. إذ يشير المفهوم الأول إلى المادة غير النشطة ذاتها، في حين يشير مصطلح تأثير الدواء الوهمي إلى أي آثار لأخذ دواء لا يصنف كدواء فعلي.


البلاسيبو من وجهة نظر علم النفس

تأثير البلاسيبو

وجد الباحثون أن تأثير الدواء الوهمي تأثير حقيقي، إلا أنهم لا يعرفون بعد تمامًا كيف ولماذا يحدث هذا التأثير. فيما لا تزال البحوث جارية لتجربة هذه التغييرات على الناس عندما يتلقون الدواء الوهمي فقط.

وقد أرجعوا ذلك في أحد التفسيرات إلى أن تناول الدواء الوهمي يحفز إطلاق الإندروفين ذو البنية المماثلة للمورفين والمسكنات الأفيونية الأخرى، فيعمل بمثابة مسكن طبيعي للدماغ. كما استطاعوا اظهار تأثير الدواء الوهمي باستخدام فحوصات الدماغ. مما يدل على أن المناطق التي تحتوي على العديد من مستقبلات الأفيون تنشط في كل من مجموعات الدواء الوهمي.

في حين أرجع البعض الآخر منهم تأثير البلاسيبو إلى التكيف الكلاسيكي. فعند ارتباط اثنين من المحفزات يؤدي ذلك إلى استجابة معينة. على سبيل المثال، عند إعطاء حبوب وهمية بانتظام لتخفيف تصلب المفاصل، سيبدأ دماغ المريض في ربط تلك الحبوب مع تخفيف الألم. وعند إعطاء المريض دواء وهميًا يشبه حبوب علاج التهاب المفاصل، فستعتقد أنه يخفف الألم لأنك مكيف على ذلك.

كما يمكن أن يؤثر حماس الطبيب الذي يصف العلاج على كيفية استجابة المريض. فإذا بدا الطبيب إيجابيًا في احتمال تأثير الدواء، فقد يكون المريض أكثر عرضة للتجاوب مع الدواء. مما يعني أن تأثير البلاسيبو قد يحدث حتى عند تناول الأدوية الفعلية.

ويمكن أن تسهم الإشارات اللفظية والسلوكية والاجتماعية في توقعات الشخص حول تأثير الدواء من عدمه. فيكون التأثير وفق ما يلي:

  • الإشارات السلوكية: أخذ حبوب منع الحمل أو تلقي حقنة لتحسين الحالة.
  • الإشارات الاجتماعية: استخدام لغة الجسد، والتواصل بالعين، وكلام الطبيب المعالج.
  • الاشارات اللفظية: حديث الطبيب بشكل إيجابي عن العلاج.

كما تؤثر الجينات على كيفية استجابة الناس للعلاجات الوهمية. فبعض الناس لديهم استعداد وراثي للاستجابة أكثر من غيرهم. وقد وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص ممن لديهم متغير جيني يرمز إلى مستوى أعلى من الدوبامين في الدماغ هم أكثر عرضة للتأثر بالدواء الوهمي من أولئك الذين يملكون نسبة منخفضة منه.

“اقرأ أيضًا: مرض الوهم“


تأثير النوسيبو

تأثير النوسيبو
النوسيبو

 

من المهم معرفة أن تأثير الدواء الوهمي ليس بالضرورة أن يكون مفيدًا. ففي بعض الحالات، قد تتفاقم الأعراض بدلًا من التحسن عند تلقي الدواء الوهمي. وهو ما يسمى بتأثير نوسيبو nocebo، والذي يعتقد أن آليات تاثيره مشابهة لآلية تأثير البلاسيبو. وعلى سبيل المثال، قد يبلغ المريض عن إصابته بالصداع أو الغثيان أو الدوخة كاستجابة للدواء الوهمي.

“اقرأ أيضًا: الصداع النصفي“


أمثلة على استخدام العلاج الوهمي

يستخدم العلاج الوهمي في الكثير من المجالات الطبية، إذ يعتبر استخدامه هامًا للغاية في العديد من الحالات، مع الأخذ بالاعتبار تأثير النوسيبو على المريض أثناء إجراء الدراسة. والتي نذكر منها:

علاج الصداع النصفي بالبلاسيبو

في دراسة أُجريت عام 2014، طلب من المشاركين تناول حبوب منع الحمل لعلاج نوبات الصداع النصفي المختلفة. وخلال هذه التجارب، أعطي البعض منهم دواء يسمى مالكسات لعلاج الصداع، في حين أعطي البعض الآخر دواءً وهميًا. وطلب من المشاركين تقييم شدة الألم بعد 30 دقيقة من بدء نوبة الصداع النصفي وتناول الحبوب؛ ثم تقييم شدة الألم أيضًا بعد حوالي الساعتين والنصف.

وقد خلُص الباحثون إلى ما يلي:

  • كما هو متوقع، استطاع المالكسات التأثير بشكل أكبر من البلاسيبو. ومع ذلك، لوحظت قدرت البلاسيبو على تخفيف الألم.
  • قد أكد أولئك الذين تناولوا جرعة من المالكسات على تأثيره القوي في علاج الألم وإيقافه، في حين كان تأثير الدواء الوهمي أقل.

هذا ما أكد للباحثين فعالية المالسكات في علاج آلام الصدع النصفي، وتخفيف حدة هذه النوبات على المرضى.

التعب المرافق للسرطان

بحثت دراسة أجريت عام 2018 في آثار الدواء الوهمي مقارنة بالعلاج المعتاد في تجربة على 74 ناجيًا من السرطان يعانون من أعراض التعب. وكانت الدراسة بالشكل التالي:

  • لمدة 3 أسابيع، تلقى بعض المشاركين حبوبًا وصفت علنًا على أنها دواء وهمي، في حين تلقى البعض الآخر علاجهم المعتاد.
  • بعد 3 أسابيع، توقف الناس عن تناول الحبوب، وأبلغت مجموعة الدواء الوهمي عن تحسن الأعرض مقارنة بأولئك الذين يتلقون العلاج كالمعتاد. كما أكدوا على استمرار تحسن الأعراض حتى ثلاثة أسابيع بعد إيقاف العلاج.

الاكتئاب والبلاسيبو

حققت دراسة أجريت في العام 2015 في تأثير البلاسيبو على 35 شخصًا يعانون من الاكتئاب ولا يتناولون أي ادوية أخرى.

تلقى كل مشارك حبوبًا وهمية. ومع ذلك، وصفت بعض الأدوية بأنها أدوية مضادة للاكتئاب سريعة المفعول. في حين أُخبر البعض الآخر بأنها أدوية وهمية غير نشطة. وبدأت المجموعتان بتلقي العلاج لأسبوع كامل.

في نهاية المطاف، أجري فحص PET لقياس نشاط الدماغ، وحقنت المجموعة الأول بدواء وهمي قيل أنه يحسن مزاجها. في حين لم تتلق المجموعة الثانية أي أدوية. وبدلت المجموعتان الدواء لأسبوع آخر بعد، وأعيد إجراء الفحص. ثم تلقت المجموعتان علاجًا بالأدوية المضادة للاكتئاب لمدة 10 أسابيع.

قد وجد الباحثون انخفاضًا في أعراض الاكتئاب لدى الأشخاص التابعين للمجموعة الأول، ولاحظوا تحسنًا في إشارات الدماغ المرتبطة بالعاطفة وتنظيم الإجهاد. وقد أجريت العديد من الدراسات التي شملت مجالات أمراض مختلفة وتأثير البلاسيبو فيها، كمرض الباركنسون، والقلق، ومختلف أمراض علم النفس، والعديد غيرها.


في الختام، يمكننا القول أن الكثير من الأمراض ذات منشأ نفسي، أو أنها تتأثر للغاية بالحالة النفسية للمرض. لذا، يرجى العناية بالصحة النفسية، وتجنب الخوف من الأمراض مهما كانت، فذلك سيؤثر سلبًا على الصحة وآلية التجاوب مع العلاج، وحتى عند لجوء الطبيب إلى علاج البلاسيبو قد يصاب المريض بتأثيرات النوسيبو التي ستفاقم حالته سوءًا.

[ad_2]