جولة في قصر الحمراء

[ad_1]

في محيط حالم، ويقبع على قمّة تلّ، تبدو المناظر الطبيعية الخصبة لقصر الحمراء بغرناطة مثالًا عن “الجنّة الأرضية”، فقصر الحمراء هو واحد من أروع القصور في تاريخ العمارة الإسلاميّة، ومن أعظم الآثار الأندلسيّة الباقية، مع وجود جبال “سييرا نيفادا” المغطّاة بالثلوج في الخلفية، والمياه العذبة المتدفقة من نهر “ريو جينيل” الذي يرمز إلى الوفرة.
 

قصر الحمراء الذي يحيط به حصن، شيّده الملك المسلم أبو عبد الله محمد الأول بن يوسف بن محمد بن أحمد بن نصر بن الأحمر، في مملكة غرناطة. وهو واحة من النوافير الراقصة والأشجار الباسقة والأزهار العطرة، ويُعرف باللغة العربيّة باسم “المدينة الحمراء”، نسبةً إلى لون المباني الحجرية، ويمثّل مجمع القصور، أهمّ معالم الأندلس.

تابعوا المزيد: سياحة افتراضية في إشبيلية

تحمل المعالم الفنيّة لقصر الحمراء، ثلاثة أقسام هي “قصر النصريين” الذي بني لمحمد بن الحمر في القرن الثالث عشر، وشكّل موطن سلالة السلاطين النصريين حتى القرن الخامس عشر. تلخّص القصور النصرية الرائعة جمال العمارة الإسلاميّة، وتصميماتها الداخليّة الرائعة، من بلاط فخم وأعمال الجصّ المزخرفة. وهي تتألّف من القصر الملكي وقصر الغرف الاحتفاليّة وقصر الأسود، الذي كان مقرًّا خاصًّا بالسلطان. في كلّ قسم، يطلّ كلّ الغرف على فناء مركزي، من الطراز الأندلسي النموذجي.
أقدم جزء من قصور بني نصر، كان شهد على تغييرات بالجملة، فأدى وظيفة قاعة الجمهور وقاعة المحكمة للإدارة العامة للعدالة والتجمعات الكبيرة. بعد تراجع السيطرة الإسلاميّة على المكان، استخدمت المساحة كصرح ديني صغير.
إلى اليسار، تلفت الغرفة الذهبية، والتي تمتاز بواحدة من أرقى واجهات قصر الحمراء. هذه المنطقة هي كل ما تبقى من القصر الملكي، إذ دمّرت الغرف الأخرى فيه على يد يوسف الأول أو ابنه محمد الخامس.
فناء Patio de los Arrayanes الذي يسمّى أيضًا بـ Patio de los Mirtos الفسيح يمتاز بأروقة رشيقة في كل طرف منه، بالإضافة إلى نافورتين تغذيان البركة، ورخام أبيض. وينعكس الحاجز فوق الرواق الشمالي في حوض السباحة، في يوم صاف، مما يجعل الصورة له جذابة للغاية!
بين جدران قاعة والقاعة المجاورة، ثمّة ممرّ ضيّق ذو بابين؛ يؤدي الباب الأيسر إلى الغرف العلويّة للبرج. “توري دي كوماريس” هو أطول الأبراج المتبقية في قصر الحمراء، وقد اتخذ تسميته من النوافذ الزجاج الملونة في الشرفات المسمّاة comarías، وتضيء القاعة الكبرى داخل البرج. يوفر البرج مناظر بانورامية.
وثمّة قاعة أخرى داخل “توري دي كوماريس”، هي “قاعة البركة”، علمًا أن البركة ترجع إلى الكلمة الإسبانية “باركا”، والتي تعني القارب. يبلغ طول القاعة المستطيلة 24 مترًا وعرضها 4.35 مترًا ، لكنها كانت في الأصل أصغر حجمًا، ثمّ قام السلطان محمد الخامس بتوسيعها. وقد قُضي على قبو نصف أسطواني بنيران سنة 1890 واستبدلت به نسخة فرغ من إعدادها في سنة 1964. تمتاز الجدران بأعمال الجبس.

قاعة السفراء

تعدّ قاعة السفراء واحدة من الغرف الأكثر روعةً، في قصر الحمراء. كانت غرفة العرش حيث استقبل حكام غرناطة المبعوثين الأجانب. تضفي القبّة المصنوعة من خشب الصنوبر والعديد من النوافذ الطويلة على المساحة جودة أثيرية. الميزة الأكثر لفتًا للانتباه في الديكور هي وفرة الزخارف، مع أكثر من 150 نمطًا مختلفًا، بما في ذلك آيات من القرآن، وتفاصيل نباتية، وهندسية.

محكمة الأسود

في الركن الجنوبي الشرقي لمحكمة الأسود Myrtles، هناك طريق يقود إلى “بهو السباع”، السكن الشتوي الملكي الذي بناه محمد الخامس، مع قسم الحريم المجاور. وسط الساحة الفسيحة، ترتفع نافورة الأسد الشهيرة، والتي تضم مُجسّمات من الرخام لإثني عشر أسدًا. حول الفناء، تمتاز الأروقة، بأعمدتها البالغ عددها 124 عمودًا، وهي تجعل الزائر يشعر بالخفة والرقة.
إلى الجانب الشمالي من محكمة الأسود، تبدو قاعة الأختين، جنبًا إلى جنب مع الشقق المجاورة، وهي سكن نساء القصر. هناك، تلفت الأرضيات البلاط المزخرفة، كما الزخارف الجصّ. أمّا القبة الرائعة فتتخذ هيئة قرص العسل، مع آلاف التفاصيل المعقدة. تسمى القاعة بـ”الأختين” لوجود لوحتين كبيرتين متماثلتين من الرخام، في الأرضيّة.
في الطرف الشرقي لمحكمة الأسود، تقبع “قاعة العدل”. تنقسم هذه القاعة إلى سبعة أقسام تتمتّع بقباب شاهقة، مع الحفاظ على لوحات السقف التي ترجع إلى القرن الخامس عشر. والجدير بالذكر أن اللوحات الثلاث النادرة على الجلد تصور مشاهد من حياة البلاط والحكام. تُظهر إحدى اللوحات عشرة أعضاء في المجالس يرتدون ملابس رائعة، والثانية عبارة عن مشهد صيد، والثالثة تظهر إنقاذ عذراء من براثن رجل متوحش.
إلى الجانب الجنوبي من محكمة الأسود، تثير قاعة بني سراج الإعجاب! تقول الأسطورة إن القاعة المزخرفة سمّيت باسم “فرسان بني سراج”، الذين قُطعت رؤوسهم فيها. قبّة السقف الهائلة هي واحدة من مميّزات الغرفة، وكُتب عليها: “ما من عون آخر غير المساعدة التي تأتي من الله الكرم الرحيم”.
وسط الغرفة، تحت القبة، هناك نافورة رخام من اثني عشر جانبًا. وعند النظر بعناية، قد يتمكّن الزائر من رؤية بقعة صدئة على النافورة، البقعة التي يُقال إنها دماء من “فرسان أبنسراجيس”.

القصبة: أطلال قلعة مغاربية من القرن الثالث عشر

القصبة، هي قلعة ملكيّة مغاربية تعود إلى القرن الثالث عشر، كانت بُنيت في عهد محمد الأوّل. كل ما تبقى منها، هو الجدران الخارجية والأبراج الضخمة.
من جهة الجدران القديمة، يمكن رؤية “بلازا نويفا” و”البيازين” وجبال “سييرا نيفادا”. الإطلالات المفضّلة هي من برج “توري دي لا فيلا”، الذي يبلغ ارتفاعه 26 مترًا في الطرف الغربي من الشرفة. تؤدي القصبة إلى Jardín de los Adarves، وهي حديقة مظللة جميلة في الجانب الجنوبي من القلعة. توفر الحديقة أيضًا إطلالات رائعة على غرناطة.

قصر شارل الخامس

شيّد قصر شارل الخامس الضخم، بعد الاسترداد المسيحي، وهو يمثّل تناقضًا معماريًّا مذهلًا مع الطراز الإسلامي لقصور الحمراء الأخرى. القصر عبارة عن مبنى ضخم تبلغ مساحته 63 مترًا مربعًا، وارتفاعه 17 مترًا. بدأ بناء القصر في سنة 1526، ولكنّه لم يكتمل بعد، وقد صمّم لمنافسة القصور المغاربية ودفع ثمنه من خلال ضريبة خاصة تم فرضها على المغاربة الذين بقوا في غرناطة بعد الاسترداد.
حتّى في حالته غير المكتملة، يعدّ القصر أفضل مثال على فنّ العمارة، في عصر النهضة في إسبانيا. يحتوي المبنى على واجهة فخمة وساحة فناء داخلية رائعة، مع أعمدة مستديرة من طبقتين في المعرض السفلي، وأعمدة أيونية في المعرض العلوي.
في الطبقة الأرضية (الجانب الجنوبي) من القصر، ينتصب متحف قصر الحمراء الذي يعرض أفضل مجموعة من الفن الإسباني المغربي والنصري في إسبانيا، عبارة عن آثار وعناصر زخرفية وأعمال فنيّة، مثل: أعمال الجبس على الطراز الإسلامي والأعمدة الرخام والخزف. هناك، تدعو نصيحة خبراء السياحة إلى رؤية مزهريّة Vase of the Gazelles، التي تعتبر قطعة نموذجية من فنّ الخزف الإسباني المغربي.
• للزيارة الافتراضيّة، اضغط هنا

بساتين جنّة العريف

كان “جنة العريف” القصر الصيفي للملوك المغاربيين، وقد اكتمل بناؤه في سنة 1319، في عهد إسماعيل الأول. وهو يشتهر بضمّ بساتين جميلة يحلو التنزّه في مساراتها المورقة. تمتدّ البساتين ذات المناظر الطبيعية الجميلة حتّى أعلى التلّ، وهي تذكرنا بحدائق فيلا من عصر النهضة الإيطالية مع “ترّاسات” وكهوف وأحواض زهور وتحوطات مشذبة بعناية. لعلّ أكثر ما يميز البساتين هو استخدام المياه في الممرات المائية والنوافير الزخرفية.



[ad_2]